الاثنين والثلاثاء
٢٩ - ٣٠ / ٦ / ١٤٤٦ هـ ، ٣٠ - ٣١ / ١٢ / ٢٠٢٤م
مقدمة
سمّى مجلس الوزراء السعودي برئاسة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، عام 2024، بعام "الإبل"، في إطار الاحتفاء بمكانتها وقيمتها الثقافية، وتفاعلت وزارة الثقافة مع التسمية؛ بهدف التعريف بقيمتها الثقافية والحضارية والتاريخية، وتعزيز حضورها الثقافي محليا ودوليا؛ إذ هي موروث حضاري ومكوِّن رئيس في تشكل الهوية السعودية.
ويزخر الموروث الفكري والثقافي العربي بالعديد من نماذج الإبداع المرتبط بالإبل، في الكتب والأشعار، والقصص والأخبار، والنقوش والآثار. ولا عجب فالإبل في الذاكرة الثقافية العربية جزء من التراث الديني، ورد ذكرها في القرآن في صورة من صور الإعجاز والتحدي، فقال تعالى: (أفلا ينظرون إل الإبل كيف خلقت)، وهي حاضرة في حياة العرب الاجتماعية، فهي وسيلة العرب الأوائل في التنقل والترحال والغذاء واللباس، وهي الأنيس والرفيق ومصدر الخير والمال ولا تكاد الإبل تغيب عن كل مشاهد الحياة، فهي حاضرة في الحروب والوفادة على الملوك، وهي مهرُ الحسناوات في الأفراح، وهي في الأتراح دية القتلى وثمن وقف نزيف الدماء. وقد قيل: "لا تسبوا الإبل فإن فيها رقواء الدم ومهر الكريمة".
وعاشت الإبل مع العربي الأول في تناغم عجيب، يؤثر فيها ويتأثر بها، فيجذبها بحدائه، ويطربها بغنائه، كأنها رفيق مطيع مرهف السمع والحس، وكانت له مصدر إلهام في فنونه القولية، فتغنى بها الشعراء، وأبدعوا في وصف جمالها وصبرها وجلدها، ودارت حولها الأقاصيص، وورد ذكرها في الأمثال والحكايات الشعبية، وتعددت أسماؤها، وصفاتها، وألوانها في المعاجم العربية. ثم هي -أيضا- حاضرة في تشكل التاريخ العربي، فهذه ناقة ثمود، وتلك ناقة البسوس، وهذه ناقة الرسول القصواء، ولا ننسى خلوج ابن الرومي وقصته المشهورة، وهي حاضرة خالدة أبدا في النقوش الصخرية والآثار في جزيرة العرب، موطن (الإبل) سفائن الصحراء، ورفيق العربي الدائم، الذي شكل َّ حولها وبها تراثا فكريَّا وإبداعيَّا زاخرا.
وتحظى الإبل بمكانة كبيرة واهتمام بالغ في الثقافة العربية، لاسيما في شبه الجزيرة العربية، وفي المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، تمخض هذا الاهتمام عن العديد من المشاريع الثقافية المرتبطة بهذا الموروث الوطني، من مهرجانات محلية ومسابقات دولة للإبل، ترعاها كبريات المؤسسات في المملكة، مثل الشؤون الثقافية بالحرس الوطني، ووزارة الثقافة، والجمعية السعودية للمحافظة على التراث، وغيرها من الجهات. وقد ارتبطت تلك المهرجانات بأسماء اعتبارية ذات رمزيات تاريخية ووطنية، مثل مهرجان الملك عبد العزيز للإبل، ومسابقات الهجن بالجنادرية، وغيرها، وهي مهرجانات تقام على شرف كبار الشخصيات في المملكة.
ومن ثم فإن الاحتفاء بالإبل يمثل احتفاء بقيمنا الأصيلة وتراثنا التليد، ويعكس اعتزازنا بأصولنا وتاريخنا، ويسهم في لفت الانتباه إل قيمتها الثقافية والتاريخية والحضارية، ويوضح دور اللغة في ربط الحاضر بالماضي وإبراز ما تفردت به الحضارة العربية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الاحتفاء بالإبل ينطلق من زاوية منسجمة مع رؤية المملكة 2030 التي تولي أهمية كبيرة للعناصر الثقافية والحضارية التي تكوَّنت منها الهوية السعودية العريقة.
وانطلاقا مما سبق يسعى قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك سعود إلى عقد مؤتمره الخامس للاحتفاء بالإبل تحت عنوان (الإبل في الثقافة العربية) لإحياء حضورها الفكري والثقافي؛ بوصفها رمزًا ثقافيا وحضاريا كان له الأثر البارز في تشكل الأدب العربي على مر العصور وكر الدهور.
أهداف المؤتمر
التعريف بالقيمة الحضارية للإبل، والعادات المرتبطة بها، وانعكاس ذلك على الفكر والأدب.
البحث في الموروث التراثي عن الإبل لغويًا وأدبيًا، ودراسة أثره في تكوين الشخصية العربية.
تلبية دعوة مجلس الوزراء لتسمية هذا العام عام الإبل، والعناية به بوصفه أيقونة ثقافية تاريخية حضارية.
بيان أهمية الإبل عند العرب، وتأصيل المكانة الراسخة لها، باعتبارها موروثًا ثقافيًا وأدبيًا ولغويًا أصيلًا.